هلّ علينا شهر رمضان المبارك الذي نصوم فيه من قبل شروق الشمس حتى غروبها، وقد يتساءل بعض مرضى السكري عن إمكانية صيامهم من عدمه، ومدى أمان ذلك.
يبدأ الصيام في التأثير على الجسم بعد حوالي ثماني ساعات من تناول آخر وجبة باستهلاك الجلوكوز، والدهون المخزنة في الجسم لإنتاج الطاقة مما قد يكون له منافع لجسم المريض، ومخاطر عليه أيضًا.
نتكلم في هذا المقال عن الصوم ومرضى السكر، وهل له فوائد أو مخاطر عليهم مع استعراض بعض النصائح الواجب على مرضى السكري اتباعها خلال صيامهم.
الصيام ومرضى السكر
ذكرنا سابقًا أن الصيام يؤثر على الجسم بعد عدة ساعات ليبدأ الجسم في استهلاك مخازن الجلوكوز، والدهون لإنتاج الطاقة فإن ضبط المريض كميات الأنسولين على حالته قبل الصيام، وظلّ على نفس مستويات الأنسولين خلال الصيام مع استهلاك الجسم لكميات جلوكوز أكثر يضعه هذا في خطر الإصابة بنقص السكر في الدم الذي من أعراضه:
- الرجفة.
- التشتت.
- التهيج.
- تسارع ضربات القلب.
- التعرق.
- الدوخة.
- الرعشة.
- نقص الطاقة، والخمول.
- الغثيان.
- تشوش الرؤية.
على الجانب الآخر قد يصاب المريض بفرط سكر الدم عند لجوء جسمه لإنتاج الجلوكوز من مخازنه في الكبد خلال الصيام أو بسبب تناول الطعام الكثير عند إفطاره مما يعرض المريض لظهور بعض أعراض ارتفاع السكر مثل العطش، والتبول الكثير، ويعرض الجسم لبعض المخاطر مثل:
- الاعتلال العصبي.
- أمراض الكلى.
- مشكلات العين، وأعصابها.
- أمراض القلب.
- ارتفاع ضغط الدم.
- السكتة الدماغية.
أيضًا يتعرض جسم مريض السكري للإصابة بالجفاف بسبب نقص شرب السوائل الذي من أعراضه:
- الشعور بالعطش الشديد.
- البول الداكن أو ذو الرائحة القوية.
- الشعور بالدوخة، والتعب.
- جفاف العين، والفم، والشفتين.
- التبول القليل (أقل من أربع مرات يوميًا).
لذلك من المهم جدًا استشارة الطبيب المعالج قبل الصيام لمعرفته للحالة، ومخاطرها، وتقدير الأصح لها، وتعديل جرعات الأدوية على جدول الصيام، والسماح للمريض بالصيام من عدمه.
هناك بعض الإجراءات العامة التي يجب على مريض السكر اتباعها إن سمح له الطبيب بالصيام مثل:
- قياس مستويات السكر في الدم بصورة روتينية خاصةً خلال فترات الصيام.
- الالتزام بجرعات الأدوية المعدلة التي حددها الطبيب.
- مراقبة أعراض نقص السكر في الدم أو زيادته أو أعراض الجفاف.
- الاستعداد لوقف الصوم مباشرةً عند ظهور أي أعراض زيادة سكر الدم أو نقصه أو علامات الجفاف.
- اتباع أوامر الطبيب في الأكل، والشرب، والتمارين الرياضية أو النشاط البدني.
- عدم ترك المنزل دون أدوية السكر، واصطحابها في أي مكان.
- حمل بعض التمرات أو العصير دائمًا عند الخروج لزيادة مستويات السكر بسرعة إن قلت.
- اصطحاب زجاجة مياه للشرب عند ظهور أعراض الجفاف.
لكن هل الصيام مفيد لمرضى السكر؟ نجيب عن ذلك في الفقرة الآتية.
هل الصوم مفيد لمرضى السكر؟
قد يسمح الطبيب لمريض السكر بالصيام في بعض الحالات، وعند عدم وجود خطورة على صحته إن كان المريض:
- مريضًا بالسكري النوع الثاني، ومُتحكم في حالته، ومستويات السكر في دمه.
- مُسيطر على مرضه بالأدوية أو باتباع نمط حياتي صحي.
يشبه الصيام في رمضان نظام الصيام المتقطع الذي يتبعه الكثير حول العالم لاعتقادهم بفوائده العديدة للصحة، ومساعدته في فقدان الوزن، وإفادة مرضى السكري، والقلب حسب قناعاتهم، وذلك بالامتناع عن الطعام لفترة محددة ثم توزيع تناول الطعام على مدار مدة معينة.
يزعم البعض أن نظام الصيام المتقطع إن قام به الشخص بصورة صحيحة، وآمنة فهو وسيلة لتقليل السعرات الحرارية التي يتناولها الشخص مما يساعد في تقليل الوزن، وتخفيف حدة مرض السكري، وله فوائد صحية مثل:
- خفض ضغط الدم.
- تقليل الشهية.
- تحسين حساسية خلايا الجسم للأنسولين.
- زيادة أكسدة الدهون، وتكسير جزيئات الحمض الدهني داخل الخلايا.
- تقليل الإجهاد التأكسدي.
أُجريت بعض الدراسات العلمية على أشخاص في منتصف أعمارهم، وأصحاب وزن زائد، وأظهرت احتمالية تقليل نظام الصيام المتقطع للالتهابات، ودعمها لفقدان الوزن، وخفض مستويات الكوليسترول، ومساعدة الجسم للسيطرة على مستويات جلوكوز الدم، والسكر التراكمي، وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
في دراسة علمية نُشرت عام 2018 ميلادية في مجلة (BMJ Case Reports) أُجريت على ثلاثة أشخاص مصابين بالسكري النوع الثاني يعالجون بالأنسولين بعد صيامهم ثلاثة مرات أسبوعيًا لمدة شهر وجدت نقص احتياجهم للأنسولين، وتحسّن مؤشر كتلة الجسم، ومحيط الخصر، ومستويات السكر التراكمي لديهم، وبعد عدة أشهر فقدوا حوالي 10% من إجمالي وزن جسمهم لكن هذه الدراسة صغيرة أُجريت على عدد قليل جدًا، ولا يمكن استنتاج تأثير الصيام المتقطع على جسم معظم الناس منها.
في دراسة علمية أخرى نُشرت عام 2018 ميلادية في مجلة (The Lancet Publishing Group) أُجريت على 306 شخصًا وجدت أن حوالي نصف الأشخاص المصابين بالنوع الثاني من السكري تمكّن من فقدان الوزن اللازم لإيقاف أدوية السكر عن طريق الفم، وخفت حدة المرض لديهم.
لكن يجب العلم أن هذه الدراسات لا زالت قيد البحث، وكلها افتراضات غير مؤكدة تحتاج دراسات أخرى لتأكيدها، وكل شخص مختلف عن الآخر، والأفضل لبعض الأشخاص يختلف عن الأفضل لغيرهم، والرأي الأول للطبيب المعالج المقدّر الأفضل للحالة.
لكن ماذا عن مخاطر الصيام لمرضى السكري؟ هذا ما نتعرف عليه تاليًا.
خطورة الصيام لمرضى السكري
قد يمنع الطبيب صيام بعض مرضى السكري المعرضين للمضاعفات بسبب الصيام مثل:
- مرضى السكر النوع الأول.
- مرضى السكر النوع الثاني غير المُسيطرين على مستويات السكر لديهم.
- المرضى المتعرضين حديثًا للنقص الشديد في سكر الدم أو الحُماض الكيتوني السكري.
- أصحاب التاريخ المرضي لانخفاض سكر الدم المتكرر أو الجهل بالإصابة به.
- المصابين ببعض الحالات بجانب مرض السكر مثل أمراض الكلى الشديدة أو مضاعفات أمراض الأوعية الدموية.
- الحوامل المصابات بمرض السكري.
يعتبر نقص سكر الدم هو الخطر الأكبر الذي يتعرض له مرضى السكر عند صيامهم فمنع الطعام يقلل مستويات السكر في الدم، وعند عدم تعديل جرعات الأدوية على نظام الصيام خاصةً الأنسولين الذي يقلل مستويات سكر الدم بصورة خطرة قد تؤدي للدوخة أو فقدان الوعي أو الغيبوبة.
قد يصاب المريض عند كسر الصيام بالطعام الكثير خاصةً الكربوهيدرات بارتفاع سكر الدم لذلك يجب تقليل الطعام الغني بالكربوهيدرات في وجبة الإفطار لأنها تزيد سكر الدم بصورة مفاجئة، وتساهم في زيادة الوزن، والمخاطر، وتمنع فوائد الصيام.
أيضًا عند امتناع المريض عن تناول أدوية السكر خوفًا من الإصابة بانخفاض سكر الدم قد يزيد ذلك من مستويات السكر في الدم مما يعرّض المريض للمخاطر لذلك يجب تعديل جرعات أدوية السكري قبل الصيام من قبل الطبيب.
من المخاطر المهمة التي يتعرض لها مريض السكري هو الجفاف الذي ينتج من:
- الامتناع عن شرب الماء لمدة طويلة في الصيام.
- بعض أدوية السكري مثل مثبطات الـ إس جي إل تي 2 (الغليفلوزينات)، ومدرات البول التي تُفقد الجسم المزيد من السوائل.
- ارتفاع سكر الدم الذي يحفز إدرار البول.
ونذكر بعض النصائح لمرضى السكري عند سماح الطبيب لهم بالصيام في الفقرة الآتية.
نصائح الصيام لمرضى السكر
إن سمح الطبيب للمريض بالصيام فهناك بعض النصائح التي يجب على المريض اتباعها مثل:
- تقسيم الوجبات بين وقتي الإفطار والسحور لثلاث وجبات متوسطة بدلًا من وجبتين كبيرتين.
- محاولة تأخير السحور قدر الإمكان لمحاولة تجنب نقص السكر في الدم، وإعطاء الجسم الطاقة اللازمة على مدار اليوم.
- الامتناع عن الخروج في أشعة الشمس أو القيام بالأعمال الشاقة خلال الصيام لمنع التعرق، وفقدان السوائل، وخطر الجفاف، والبقاء في الأماكن الباردة، ومحاولة تأخير الأعمال لما بعد الإفطار.
- توزيع شرب السوائل في الفترة بين الإفطار والسحور، واستهداف شرب من 2 إلى 3 لتر من الماء خلالها.
- تجنب الأطعمة الدهنية أو المملحة أو المشروبات السكرية في الإفطار أو السحور، وتقليل السكريات أو الكافيين الذي يدر البول، ويزيد فرص الإصابة بالجفاف.
- سؤال الطبيب عن التمارين الرياضية الخفيفة والمتوسطة المناسبة للحالة، واستهداف القيام بها على الأقل 30 دقيقة يوميًا في فترة من الإفطار للسحور.
- معرفة أن الصيام ليس بديلًا عن أدوية السكري، ووجوب تناول الأدوية حسب وصف الطبيب.
- تجنب الإكثار من تناول الأكل عند الإفطار حتى لا يرتفع مستوى السكر في الدم بصورة مفاجئة، وتناول الأطعمة قليلة الكربوهيدرات، مع إدراج الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات مع البروتينات، والخضروات.
- معرفة الحصص المطلوبة من الخمس مجموعات الرئيسية من الطعام، والحرص على تناولها في كل وجبة كالآتي:
ختامًا، وبعد مقالنا عن الصيام ومرضى السكري، ومدى إفادته، وخطورته على المرضى مع ذكرنا بعض النصائح لمرضى السكري عند صيامهم فإنه بصورة عامة يمكن لمرضى السكر الصيام بأمان في رمضان إن سمح لهم الطبيب، وعند معرفتهم لمخاطر الصيام، والسيطرة على مستويات السكر لديهم مع اتباع أوامر الطبيب في الأدوية، ومتى يجب الإفطار.
المصادر: